أحد أكبر التحديات التي تواجه القارة الأفريقية هو تحسين معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب، حيث يعاني الآلاف من الأفراد في سن العمل من نقص فرص الوظائف المناسبة. خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في واشنطن، ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، كلمة تسلط الضوء على هذه القضايا الحيوية. أبرزت في كلمتها الحاجة الملحة لخلق مسارات فعالة لتوفير فرص عمل وتطوير المهارات اللازمة لسوق العمل، مع الإشارة إلى أن أكثر من ثلث الأشخاص غير الوظيفيين في العالم يقيمون في أفريقيا.
معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أكبر التحديات في أفريقيا
في ظل الجهود الحالية لمجموعة البنك الدولي لتعزيز فرص العمل، تؤكد الدكتورة المشاط أن هناك حاجة ماسة لتوسيع هذه الجهود لمواكبة التحديات الاقتصادية المتزايدة. دعوتها تشمل تعزيز أجندة الوظائف من خلال تمويل البنية التحتية المادية والرقمية، مثل بناء وتجديد السكك الحديدية، الطرق، الجسور، الموانئ، المطارات، وأنظمة المياه والكهرباء. كما شددت على أهمية دعم التقنيات الزراعية الحديثة، شبكات الاتصالات الرقمية، والمنصات التكنولوجية التي تفتح أبواباً جديدة في قطاعات التكنولوجيا والخدمات. بالإضافة إلى ذلك، ركزت على دعم التصنيع المحلي من خلال تطوير المناطق الاقتصادية والصناعية، مع التركيز على صناعات مثل المنسوجات، الإلكترونيات، الكيماويات، والطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية والتوربينات الهوائية. هذه الخطوات ليس فقط تعزز القيمة المضافة في القطاعات الاستخراجية والزراعية، بل تساعد أيضاً في معالجة المواد الخام محلياً، مما يدعم التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة من خلال السياحة البيئية وإدارة النفايات.
تحديات فرص العمل وتطوير الكفاءات
بالنظر إلى تقرير “مستقبل الوظائف 2025” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أكدت الدكتورة المشاط أهمية تبني نهج متعدد القطاعات لتطوير رأس المال البشري. هذا يتطلب تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل برامج التدريب المهني والإرشاد، مما يساعد في تحويل الوظائف غير الرسمية إلى رسمية ويعزز الديناميكية الاقتصادية. كما شددت على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال من خلال الائتمان الميسر، رأس المال الاستثماري، ومصادر تمويلية بديلة، لتمكين الشباب الأفارقة من بدء وتطوير مشاريعهم. في الوقت نفسه، أشارت إلى ضرورة جمع وتحليل بيانات دقيقة لدعم اتخاذ القرارات السياسية، مستندة إلى تقرير التنمية العالمية لعام 2023 حول المهاجرين واللاجئين، لإدارة الهجرة الاقتصادية بفعالية وموازنة التباينات السكانية. في الختام، أكدت أن نجاح هذه المسارات يعتمد على تعزيز التعاون مع مجموعة البنك الدولي، بما في ذلك “مختبر استثمارات القطاع الخاص” و”المجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالوظائف”، لتطوير أدوات مبتكرة وتقليل المخاطر، مع ضمان تواصل شفاف وتعزيز الشراكات من خلال منصات التمويل المشتركة. هذه الجهود المتكاملة لن تكون مجرد حلول لتحديات التشغيل، بل ستساهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في أفريقيا.
0 تعليق