الليلة الثالثة على التوالي.. نيران متبادلة وتوتر يتصاعد بين الهند وباكستان

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع استمرار التوتر بين الهند وباكستان، تتصاعد أصداء تبادل إطلاق النار بين الجارتين النوويتين، لليلة الثالثة على التوالي.

هذه المرة، كان مسرح الأحداث قطاعي توماري جالي ورامبور، حيث ادعى الجيش الهندي أن قوات باكستانية أطلقت نيران أسلحة خفيفة "غير مبررة" على مواقعه، وفي المقابل جاء الرد الهندي سريعًا حسب البيان الصادر صباح الأحد، وإن لم يُشر إلى خسائر بشرية. 

حوادث ليلية متكررة تأتي في أعقاب فاجعة باهالجام، حيث أودى بحياة 26 مدنيًا في الشطر الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير، ليُعيد إلى الأذهان شبح الصراعات الماضية.

 تصاعدت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين الهند وباكستان

الاتهامات المتبادلة تصاعدت وتيرتها، نيودلهي وجهت أصابع الاتهام مباشرة نحو إسلام آباد، التي نفت بدورها أي تورط لها في الهجوم المروع، مطالبة بتحقيق نزيه وشفاف في هذه الواقعة التي تعتبر الأكثر دموية بحق المدنيين في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة منذ مطلع الألفية الجديدة.

بادرت نيودلهي إلى تفعيل سلسلة من الإجراءات الدبلوماسية العقابية ضد جارتها الغربية، شملت هذه الإجراءات تعليق العمل بمعاهدة حيوية لتقاسم المياه، وإغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي الذي كان شريانًا للتواصل، وتقليص أعداد الدبلوماسيين العاملين في كلا البلدين.

وبعد اجتماع طارئ للجنة الأمن القومي، أعلنت باكستان عن اتخاذ تدابير مقابلة، تجسدت في طرد دبلوماسيين هنود، وتعليق إصدار التأشيرات للمواطنين الهنود، وإغلاق الحدود البرية والمجال الجوي المشترك، ووقف التبادل التجاري بين البلدين.

وسط هذا التصعيد الخطير، دعا مجلس الأمن الدولي الطرفين إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس"، مستحضرًا في الذاكرة ثلاث حروب دامية خاضها البلدان منذ التقسيم المرير عام 1947، وما خلفته من ندوب عميقة في تاريخ المنطقتين.

أيهما الأقوى: الهند أم باكستان؟

ويعود إلى الواجهة تساؤل قديم وحديث، يتردد صداه في أروقة التحليلات الاستراتيجية وغرف النقاش العامة: "أيهما الأقوى، الهند أم باكستان؟".

في محاولة للإجابة على السؤال المعقد، نستعرض مقارنة بين القدرات العسكرية للطرفين، مع التأكيد على أن الأرقام الواردة تستند إلى دراسات ومعلومات واجتهادات صادرة عن مؤسسات دولية متخصصة. فبطبيعة الحال، تتسم الإمكانيات العسكرية للدول بقدر كبير من السرية وعدم الإفصاح الرسمي.

وفقًا لتصنيف القوة العسكرية لعام 2025 الصادر عن موقع "جلوبال فاير باور"، تحتل الهند مركزًا متقدمًا في ميزان القوى العالمي، حيث تُصنف في المرتبة الرابعة كأقوى دولة عسكريًا على مستوى العالم. في المقابل، تأتي باكستان في المرتبة الثانية عشرة ضمن قائمة تضم 145 دولة.

على صعيد الأفراد العسكريين، تشير التقديرات إلى أن الجيش الهندي يمتلك قوة بشرية عاملة تتراوح بين 1.2 مليون و1.4 مليون جندي، مما يجعله أحد أكبر الجيوش في العالم. أما الجيش الباكستاني، فيقدر عدد جنوده العاملين بأكثر من 650 ألف جندي.

في مجال القوة الجوية، تتفوق الهند كمًا ونوعًا، حيث تقدر أعداد طائراتها العسكرية بنحو 2230 طائرة، تتضمن حوالي 513 طائرة مقاتلة متطورة. بينما يمتلك سلاح الجو الباكستاني أكثر من 1430 طائرة عسكرية، من بينها 387 طائرة مقاتلة.

أما بالنسبة للقوات البحرية، فإن التفوق الهندي يبدو أكثر وضوحًا. تشير التقديرات إلى امتلاك الهند لأسطول بحري يضم حوالي 295 قطعة بحرية متنوعة، تتضمن حاملتي طائرات قادرتين على نشر القوة في أعالي البحار، و11 مدمرة حديثة، و12 فرقاطة متعددة المهام، و15 غواصة، بعضها يعمل بالطاقة النووية، مما يمنحها قدرات ردع استراتيجية. في المقابل، يمتلك الأسطول الباكستاني نحو 114 قطعة بحرية، تتكون أساسًا من تسع فرقاطات وثماني غواصات، لكنه يفتقر إلى حاملات الطائرات.

على صعيد القوات البرية، تمتلك الهند ترسانة كبيرة تضم أكثر من 4600 دبابة قتال رئيسية و3100 ناقلة جند مدرعة، مما يمنحها قدرة هجومية ودفاعية كبيرة على الأرض. في المقابل، يمتلك الجيش الباكستاني ما يقارب 3750 دبابة وأكثر من 1600 ناقلة جند مدرعة.

وفيما يتعلق بالقدرات النووية، وهي نقطة بالغة الحساسية في التوازن الاستراتيجي بين البلدين، تشير التقديرات إلى تقارب كبير في أعداد الرؤوس النووية التي يمتلكها كل طرف. وعلى الرغم من تباين الأرقام الدقيقة وفقًا للمصدر، إلا أن الثابت الوحيد هو أن كلا البلدين يمتلكان ترسانة نووية تقدر بأكثر من 160 رأسًا نوويًا، مما يضفي على أي صراع بينهما بعدًا كارثيًا محتملًا.

أخيرًا، يبرز فارق كبير في ميزانيات الدفاع بين البلدين. فالهند تخصص سنويًا حوالي 75 مليار دولار لميزانيتها العسكرية، وفقًا لتقديرات "غلوبال فاير باور". في المقابل، تبلغ ميزانية الدفاع الباكستانية حوالي 11 مليار دولار. هذا الفارق الكبير في الإنفاق يعكس القدرة الأكبر للهند على تحديث وتوسيع قواتها المسلحة.

تمتلك الهند تفوقًا عسكريًا تقليديًا واضحًا على باكستان من حيث حجم القوات، ونوعية المعدات، وحجم الإنفاق الدفاعي. ومع ذلك، فإن امتلاك كلا البلدين للأسلحة النووية يخلق حالة من "التوازن الرادع الهش"، حيث يخشى أي طرف من شن هجوم شامل قد يؤدي إلى رد نووي مدمر. لذا، يبقى التوتر قائمًا، وتحمل المنطقة على كاهلها تاريخًا من الصراعات التي تجعل شبح الحرب دائم الحضور.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق