الاثنين 28 ابريل 2025 | 05:48 مساءً

انقطاع الكهرباء في أسبانيا

شهدت إسبانيا والبرتغال، اليوم الإثنين، فاجعة انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، مما ألقى بملايين الأشخاص في ظلام دامس وعطّل مظاهر الحياة اليومية في شبه الجزيرة الأيبيرية بشكل كامل.

لم يقتصر تأثير هذا العطل المفاجئ، الذي بدأ بعد ظهر اليوم بالتوقيت المحلي، على هاتين الدولتين فحسب، بل امتد ليطال أجزاء من فرنسا وأندورا المجاورة.

شلل المدن الكُبرى

تسبب فقدان الطاقة المفاجئ في حالة من الفوضى العارمة في كُبرى المدن؛ ففي مدريد وبرشلونة وفالنسيا وإشبيلية، توقفت شبكات مترو الأنفاق بشكل كامل، مما استدعى عمليات إجلاء للركاب الذين تقطّعت بهم السُبل.

وبالمثل، أعلن مشغل القطارات الوطني الإسباني، رينفي، عن توقف جميع رحلات القطارات، واصفًا الحادث بأنه انقطاع "على مستوى وطني"، وفي العاصمة البرتغالية لشبونة، تضرر قطاع النقل العام وشبكات الاتصالات بشدة.

فاقم تعطل إشارات المرور في المدن الكبرى من الاختناقات المرورية، مما أثار مخاوف جدية بشأن السلامة العامة. وعلاوة على ذلك، غرق مطار مدريد باراخاس الدولي، الذي يُعد من أكثر المطارات ازدحامًا في أوروبا، في الظلام، مما أثّر بشكل كبير على حركة الرحلات الجوية وعمليات المطار.

ولم يسلم عالم الرياضة من هذا العطل؛ حيث اضطرت دورة مدريد المفتوحة للتنس إلى تعليق مبارياتها.

انخفاض غير مسبوق في الطلب

ووفقًا لشركة ريد إليكتريكا، مشغل الشبكة الوطنية الإسبانية، شهد الطلب على الكهرباء انخفاضًا مذهلًا، تجاوز 10 جيجاوات في غضون ثوانٍ معدودة، وهو انخفاض وصفه البعض بـ "غير المسبوق".

تأثير أوروبي أوسع

وأكد مشغل الشبكة في البرتغال، إي ريدس، أن الانقطاع كان على مستوى البلاد، مشيرًا إلى احتمال وجود ارتباط بمشاكل أوسع نطاقًا في الشبكة الكهربائية الأوروبية المترابطة.

وذكرت الشركة في بيان لها: "هذه مشكلة أوسع تؤثّر على أوروبا".

كما تأثرت أجزاء من فرنسا، وخاصة المناطق المتاخمة لإسبانيا، بهذا الانقطاع الشامل. وتشير التقارير إلى أن العطل، الذي ضرب إسبانيا والبرتغال بشكل أساسي، امتد أيضًا إلى جنوب فرنسا، مما أثر على العديد من المناطق، وحرم الكثير من السكان من الطاقة الكهربائية. وقد تسبب هذا الانقطاع في اضطرابات واسعة النطاق في المنازل والشركات، ويُعتقد أنه مرتبط بمشاكل أعم في شبكة الكهرباء الأوروبية.

التحقيقات جارية

لا يزال السبب وراء هذا الانقطاع الهائل قيد التحقيق الدقيق، ومع ذلك، أشارت شركات تشغيل الشبكات إلى أن مصدر المشكلة يقع خارج الدول المتضررة، مؤكدة استبعاد فرضية الهجوم الإلكتروني.

وتتواصل الجهود الحثيثة لاستعادة التيار الكهربائي بشكل كامل؛ حيث تعمل السلطات على استقرار إمدادات الطاقة في جميع المناطق المتضررة.

استجابة للطوارئ

باشرت السلطات في كلا البلدين تفعيل بروتوكولات الطوارئ، وشرعت في عملية استعادة التيار الكهربائي بشكل تدريجي.

ومع حلول فترة ما بعد الظهر، بدأت بعض المناطق في استعادة الكهرباء، لكن مناطق واسعة ظلّت تعاني من الظلام، بينما كان المهندسون يعملون جاهدين على استقرار الشبكة، والتحقيق في الأسباب الجذرية للانقطاع.

ومع اقتراب المساء، حثّ المسؤولون المواطنين على التحلّي بالهدوء وتجنّب التنقل غير الضروري.

وأكدت وزيرة التحول البيئي الإسبانية، تيريزا ريبييرا، أن الحكومة تعمل على مدار الساعة لاستعادة الوضع الطبيعي، مشددةً على أن أولويتنا هي سلامة ورفاهية المواطنين.

لا يزال التحقيق جاريًا لتحديد السبب الدقيق للانقطاع، وتشير التقارير الأولية إلى احتمال وجود خلل في الشبكة الكهربائية الأوروبية المترابطة.

ويحذّر خبراء الطاقة من أن مثل هذه الاضطرابات الواسعة، تسلّط الضوء على هشاشة الشبكات الحديثة، وأهمية وجود خطط احتياطية قوية.

يُعد هذا الانقطاع واحدًا من أكبر الانقطاعات الكهربائية في التاريخ الأوروبي الحديث، مما يُبرز مدى الترابط والضعف الكامن في البنية التحتية للقارة.

ومن المتوقع أن تُنشر تحديثات أخرى مع استمرار التحقيقات، وجهود استعادة التيار الكهربائي من قِبل السُلطات المعنية.