سادت حالة من الغضب الشديد بين أهالي محافظة البحيرة، عقب انتشار تفاصيل واقعة اتهام مسؤول في مدرسة خاصة بمدينة دمنهور، تجاوز الـ80 عاماً، بارتكاب اعتداء جنسي متكرر على طفل لم يتجاوز السنة السادسة، مع مساعدة إحدى العاملات داخل دورة المياه وجراج المدرسة. هذه الحادثة أبرزت حاجة ماسة لتقديم دعم نفسي متخصص للطفل، حيث أكد خبراء أن العلاج يجب أن يكون شاملاً ودقيقاً لمساعدة الطفل على استعادة إحساسه بالأمان، مع التركيز على الحماية الجسدية والنفسية في البداية.
عدة حيل للعلاج النفسي بعد تعرض الطفل للاعتداء
في مواجهة مثل هذه الصدمات، يُعد العلاج النفسي خطوة أساسية لمساعدة الأطفال الصغار، حيث يجب أن يشمل خطة متكاملة تبدأ بالرعاية الطبية الفورية. على سبيل المثال، ينصح بإجراء فحوصات شاملة في مستشفى أو مركز صحي للكشف عن أي إصابات، مع توثيق الحالة سرياً إذا كان هناك نية للإبلاغ القانوني. كما قد يتطلب الأمر تقديم علاج وقائي ضد الأمراض المنقولة جنسياً، لضمان سلامة الطفل جسدياً قبل الانتقال إلى الجوانب النفسية.
استراتيجيات دعم الطفل نفسياً
بعد تأمين السلامة الجسدية، يأتي دور العلاج النفسي الذي يجب أن يكون حساساً ومبنياً على احتياجات الطفل. على سبيل المثال، يُعد العلاج باللعب أداة فعالة للأطفال في سن الستة أعوام، إذ يساعدهم على التعبير عن مشاعرهم دون الحاجة إلى كلام مباشر، مما يقلل من الضغط النفسي. كذلك، يمكن استخدام العلاج بالرسم أو سرد القصص، حيث يتيح للطفل مشاركة تجاربه ومشاعره بطريقة غير مباشرة وآمنة، مما يساهم في تخفيف القلق والكوابيس. في حال وجود نوبات غضب أو أعراض سلوكية أخرى، يُفيد العلاج السلوكي المعرفي المخصص للأطفال، الذي يركز على إعادة تشكيل أفكار الطفل وتعزيز الثقة بنفسه.
أما مدة العلاج، فهي ليست قصيرة، حيث قد تستغرق عدة أشهر أو حتى سنوات، بناءً على تطور حالة الطفل، مع ضرورة الاستمرارية والتقييم الدوري. في الوقت نفسه، يلعب دور الأهل دوراً حاسماً في عملية الشفاء، إذ يجب أن يقدموا احتواءً كاملاً دون طرح أسئلة مؤذية مثل “لماذا لم تدافِع عن نفسك؟”، لتجنب زيادة الشعور بالذنب أو العار. الأهل مطالبون بالاستماع إذا أراد الطفل الحديث، دون إجباره، مع الحرص على معاملته كما كان قبل الحادث لتجنب تعزيز الإحساس بالاختلاف. كما يجب على الأهل طلب دعم نفسي لأنفسهم، لأنهم أيضاً يتعرضون لصدمة قد تؤثر على قدرتهم على مساعدة الطفل.
من الإشارات المهمة التي يجب الانتباه إليها، تغيرات سلوكية مثل التبول الليلي، الصمت المفرط، العدوانية، أو الانزواء، بالإضافة إلى أي سلوك جنسي غير مناسب لعمر الطفل، والتي تشير إلى حاجة ماسة لتدخل متخصص. أما في حال تعرض الطفل لتهديد من قبل المعتدي، فإن ذلك يعقد الصدمة النفسية بشكل كبير، مما يزيد من الخوف المستمر ويعيق البوح عن الواقعة. في مثل هذه الحالات، يصبح التدخل العلاجي والأمني أكثر إلحاحاً، حيث يجب حماية الطفل فوراً بإبعاده عن أي بيئة خطرة، وإبلاغ الجهات المختصة مثل الشرطة أو هيئة حماية الطفل، مع الحصول على أوامر حماية قانونية إن أمكن.
بالنسبة للدعم النفسي الفوري، ينصح بإخبار الطفل بأنه الآن في مأمن وغير مذنب، مع طمأنته بأن المعتدي لن يتمكن من الإيذاء مرة أخرى، دون الضغط عليه للكلام. يُفضل إدخاله جلسات علاجية عاجلة مع معالج يتخصص في قضايا الصدمة، حيث يساعد العلاج باللعب أو الرسم في استعادة الشعور بالأمان، ويعمل على التعبير عن الخوف والغضب، مع كسر الإحساس بالذنب. أخيراً، لضمان الأمان المستقبلي، قد يكون من الضروري تغيير أرقام التواصل أو المكان السكني، مع تعليم الطفل كيفية الدفاع عن نفسه، مثل الصراخ أو طلب المساعدة من شخص موثوق. بهذه الاستراتيجيات المتكاملة، يمكن مساعدة الطفل على تجاوز الآثار النفسية لهذه التجربة المؤلمة، مع التركيز على بناء حياة أكثر أماناً وثقة.
0 تعليق