تشتعل التنافس الدولي على تقنيات الرقائق الإلكترونية، حيث تتجه الصين نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة. وفق تقارير متخصصة، فإن الصين على وشك تجاوز العوائق التي فرضتها القيود الدولية، ما يعزز موقعها في هذا الصراع الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
حرب الرقائق تشتعل بين الولايات المتحدة والصين
تشهد العلاقات بين واشنطن وبكين تصعيداً في مجال التكنولوجيا، خاصة مع التقدم الصيني نحو الاستقلال في إنتاج أشباه الموصلات. يشير التقرير إلى أن السبب الرئيسي الذي حال دون إنتاج رقائق متقدمة منافسة لتلك المنتجة بواسطة الشركات العالمية هو الحظر المفروض على شحن آلات الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية الشديدة (EUV) إلى مصانع صينية مثل SMIC، وهي ثالث أكبر مصانع أشباه الموصلات عالمياً. هذا الحظر ينبع من الجهود الأمريكية للحفاظ على التفوق التكنولوجي، مما يعيق نقل الإنتاج من عقد المعالجة 10 نانومتر إلى الجيل المتقدم بنحو 2 نانومتر.
في الواقع، قلة حجم العقدة في أشباه الموصلات تعني زيادة الكثافة الإلكترونية، حيث يمكن دمج المزيد من الترانزستورات داخل الشريحة الواحدة. هذا يعزز أداء المعالجات، سواء في سرعة التشغيل أو كفاءة استهلاك الطاقة، مما يجعل آلات الطباعة الحجرية EUV أداة حاسمة. هذه الآلات تسمح بطباعة أنماط الدوائر الإلكترونية بدقة تفوق شعرة الإنسان، مما يتيح تصنيع معالجات تطبيقات (AP) قادرة على استيعاب مليارات الترانزستورات بدقة عالية.
ومع ذلك، يسيطر الاحتكار على هذه التقنية، إذ أن الشركة الوحيدة المتخصصة في إنتاج آلات EUV هي ASML الهولندية، التي منعتها الولايات المتحدة وهولندا من شحنها إلى الصين. رغم ذلك، تظل الشركات الصينية مثل SMIC قادرة على الحصول على آلات أقدم تعتمد تقنية DUV (الأشعة فوق البنفسجية العميقة)، والتي تدعم إنتاج رقائق 7 نانومتر، مما يمثل خطوة متقدمة رغم قيودها.
الصراع على تقنيات أشباه الموصلات
وسط هذا التوتر، تتردد شائعات عن تطورات صينية قد تغير المعادلة، خاصة مع سعي فريق بحثي في معهد شنجهاي للبصريات والميكانيكا الدقيقة، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم. يقود هذا الفريق العالم لين نان، الذي يمتلك خبرة واسعة من عمله سابقاً في ASML كرئيس لتكنولوجيا مصادر الضوء. إذا نجحت جهودهم في بناء آلات طباعة حجرية بتقنية EUV محلية، فإن الصين ستكون على قاب قوسين من تحقيق السيادة التكنولوجية في هذا المجال، مما يهدد الهيمنة الحالية للشركات الغربية.
هذا التقدم يعكس استراتيجية صينية شاملة لتجنب الاعتماد على التقنيات الخارجية، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والتجارية. ففي سيناريو يتسم بالتسارع في الابتكار، قد تؤدي هذه الخطوات إلى إعادة ترتيب خريطة الإنتاج العالمي للرقائق، حيث تتجه الشركات الصينية نحو تطوير جيل جديد من المنتجات المتطورة. على سبيل المثال، مع التركيز على تحسين الكفاءة والأداء، يمكن للصين أن تقدم حلولاً تتجاوز القيود الحالية، مما يدفع المنافسين إلى تعزيز استثماراتهم في البحث والتطوير.
بالإضافة إلى ذلك، يؤثر هذا الصراع على قطاعات أخرى مثل الذكاء الاصطناعي والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، حيث تعتمد هذه الصناعات على رقائق عالية الأداء. في حال وصلت الصين إلى الاكتفاء الذاتي، قد تشهد الأسواق تغييرات جذرية، بما في ذلك انخفاض الأسعار وتوسع المنافسة. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كانت هذه التطورات ستؤدي إلى استقرار عالمي أم إلى تصعيد جديد في التوترات التجارية. في النهاية، يمثل هذا السباق دليلاً على كيفية تشكيل التكنولوجيا للعلاقات الدولية في عصرنا الحالي.
0 تعليق