تحديات سياسية تمنع المغرب من تقديم مبادرة إنسانية حيال محتجزي تندوف

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي بتاريخ 14 أبريل الماضي أثار ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، “قلقاً عميقاً” إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيمات تندوف، حيث يعاني آلاف المحتجزين من نقص حاد في التموين الغذائي.

وحذر دي ميستورا من أن المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي مهددة بالتوقف خلال الصيف المقبل بسبب نقص التمويل، ما قد يؤدي إلى تفاقم الهشاشة الاجتماعية وتصاعد التوترات في المخيمات؛ كما نقل شهادات مؤثرة من زيارته الأخيرة إلى المخيمات، مشيراً إلى معاناة الشباب والنساء الذين يعيشون في ظل ظروف قاسية، معبرين عن رغبتهم في حياة كريمة خارج أسوار المخيمات.

هذا الوضع الإنساني المقلق يطرح تساؤلات حول المسؤولية الدولية تجاه ساكنة المخيمات، وحول إمكانية تقديم المغرب، المعروف بمساهماته في برامج الأمم المتحدة، مبادرة إنسانية لتمويل جزء من برنامج الغذاء العالمي الموجه للمحتجزين في تندوف.

في السياق ذاته يؤكد عبد العالي بنلياس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن المغرب يظهر التزامه الدائم بدعم برامج الأمم المتحدة المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين، سواء من خلال مشاركته في قوات حفظ السلام أو مساهمته الطوعية في تمويل بعثة “المينورسو” التي تراقب وقف إطلاق النار في الصحراء.

وأضاف بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، أن المغرب يتفاعل إيجابياً مع المبادرات الأممية بشكل عام، لكنه يرى أن “أي مساهمة في تمويل برنامج الغذاء العالمي لمخيمات تندوف تواجه عقبات كبيرة تتعلق بالشفافية والقانون الدولي”، مشيراً إلى أن الوضع في مخيمات تندوف “يفتقر إلى الشفافية”، حيث ترفض الجزائر إجراء إحصاء للسكان لتحديد عددهم وجنسياتهم واحتياجاتهم، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي، ومستنداً إلى تقارير دولية، مثل تقرير برنامج الغذاء العالمي والمكتب الأوروبي لمكافحة الغش، التي أكدت وجود اختلاس ممنهج للمساعدات الإنسانية من قبل الجهات المشرفة على المخيمات.

وأكد الأكاديمي ذاته أن “هذا الواقع يجعل من الصعب على المغرب المساهمة في برنامج يفتقر إلى آليات رقابة فعالة”، خاصة أن الجزائر لا تلتزم باتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين. ورغم ذلك يشدد بنلياس على أن المغرب يظل مبدئياً داعماً لأي مبادرة إنسانية من شأنها التخفيف من معاناة الصحراويين المغاربة المحتجزين في تندوف، لكنه يرى أن أي مساهمة مغربية “يجب أن تكون مشروطة بضمانات دولية تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها، بعيداً عن الفساد والاستغلال السياسي، لضمان تحقيق الهدف الإنساني دون المساس بموقف المغرب في النزاع”.

من جهته عبر المحلل السياسي والأمني محمد شقير عن شكوكه حول إمكانية قبول المنتظم الدولي مبادرة مغربية لتمويل برنامج الغذاء العالمي في تندوف، لكون المغرب طرفاً رئيسياً في النزاع.

وأوضح شقير، في حديث لهسبريس، أن مثل هذه الخطوة “حتى لو كانت بدوافع إنسانية خالصة قد تُفسر على أنها محاولة لتوظيف المساعدات سياسياً”، مؤكداً أنه “من المستبعد أن يتم القبول بهذه المبادرة حتى وإن كانت النوايا حسنة”.

وفي المقابل يرى المحلل السياسي ذاته أن المغرب “يمكنه استغلال تحذيرات دي ميستورا حول نقص التمويل كورقة دبلوماسية قوية للدفاع عن حقوق المحتجزين في تندوف”، إذ يمكن للدبلوماسية المغربية الترافع ضد تجويع الساكنة في المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وغيره من المؤسسات الأممية، لتسليط الضوء على مسؤولية الجزائر والبوليساريو في تفاقم الأزمة الإنسانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق