تعد الكعبة المشرفة في مكة المكرمة قبلة المسلمين حول العالم وأقدس بقعة على وجه الأرض، وواحدة من أهم السمات التي تميز الكعبة هي الكسوة، وهي غطاء أسود فاخر يغطي جدران الكعبة المباركة، وتعد من أسمى مظاهر الزينة والإجلال لهذا المعلم الإسلامي العظيم، وفي هذا التقرير، نسلط الضوء على تاريخ كسوة الكعبة ومكان تصنيعها، وطرق تطهيرها باستخدام المسك، وكيف ومتى يتم استبدالها.

تاريخ كسوة الكعبة المشرفة
تعود تقاليد كسوة الكعبة إلى العصور الإسلامية الأولى، وقد كانت الكعبة في الجاهلية تكسوها بعض الأقمشة البسيطة من مختلف المواد، ولكن مع بداية عهد الإسلام، بدأ الخلفاء المسلمون في تكريم هذا المعلم المقدس عبر كسوته بقماش فاخر، وقد أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بتوفير كسوة للكعبة في القرن الثاني الهجري، وبدأت الحكومة الإسلامية في تبني نظام مستمر لإنتاج وتغيير الكسوة بانتظام.
وكانت الكسوة تُصنع من الحرير وتُزين بخيوط من الذهب والفضة، والآن تُصنع الكسوة من قماش فاخر من الحرير الطبيعي، وتطبع عليها آيات قرآنية بخيوط الذهب والفضة، مما يعكس عظمة هذه الشعيرة الدينية.
مكان تصنيع كسوة الكعبة المشرفة
يتم تصنيع كسوة الكعبة المشرفة في مصنع مخصص لذلك في مكة المكرمة، حيث يتم تصنيع الكسوة بشكل دقيق ومتقن في "مؤسسة الكعبة المشرفة للكسوة"، وهي مؤسسة حكومية معنية بتصنيع كسوة الكعبة المشرفة وصيانتها، ويقع المصنع في منطقة أم الجود بمكة المكرمة، وقد تم تأسيسه في عام 1977م.
وتستخدم المؤسسة مواد طبيعية وفاخرة مثل الحرير الخالص في تصنيع الكسوة، ففي بداية عملية التصنيع، يتم تحضير قماش الحرير، ثم يُطبع عليه آيات قرآنية باستخدام خيوط من الذهب والفضة، ويتم قطع القماش وتحديد الأجزاء المختلفة التي ستُغطى بها الكعبة، ثم خياطتها وتجميعها بشكل دقيق ليتم تغطية الكعبة من جميع الجوانب.

مكونات كسوة الكعبة المشرفة
تتكون كسوة الكعبة المشرفة من عدة أجزاء رئيسية:
الستار الأمامي: هو الجزء الأكثر تميزًا من الكسوة، وهو يحتوي على آيات قرآنية مكتوبة بخيوط من الذهب والفضة، ويزين المدخل الرئيسي للكعبة.
الأجزاء الجانبية: تحتوي أيضًا على آيات قرآنية، ولكنها تكون بشكل متناسق يغطي جميع جوانب الكعبة.
الرداء: يتم وضعه فوق سطح الكعبة المشرفة.
الطوق الذهبي: يحيط بالكعبة من أعلى، ويُعد من أبرز معالم الكسوة.

متى يتم تغيير كسوة الكعبة المشرفة؟
يتم تغيير كسوة الكعبة المشرفة سنويًا في يوم 9 ذو الحجة من كل عام، في اليوم الذي يسبق يوم عيد الأضحى المبارك، حيث يتم استبدال الكسوة القديمة بالجديدة في احتفال رسمي، ويشارك في هذه العملية عدد من المسؤولين والعاملين في مؤسسة الكعبة المشرفة للكسوة، ويشهد هذا الحدث العديد من الزوار والمصلين الذين يتوافدون إلى الحرم الشريف لمشاهدته.
ومن التقاليد الدينية التي ترافق عملية تغيير الكسوة هي تطهير الكعبة باستخدام المسك، فبعد إزالة الكسوة القديمة، يتم تطهير الكعبة المشرفة من الداخل باستخدام المسك، وهو نوع من العطور الفاخرة ذات الرائحة الطيبة التي يتم الحصول عليها من الغزلان، وتعد هذه العملية جزءًا من طقوس الاهتمام بالكعبة المشرفة، حيث يُقال إن المسك يطهر المكان ويُعزز من قدسيته، ويُستخدم للمرة الأولى عند تركيب الكسوة الجديدة، فيكون بمثابة تطهير معنوي وجسدي لمكان مقدس ومبارك.
0 تعليق